أما عمار فَإِنَّهُ أسلم قَدِيما، وَقد أسلم جمَاعَة قبله، وَإِنَّمَا حكى مَا رأى.
290 - / 349 - وَفِيمَا انْفَرد بِهِ مُسلم:
خَطَبنَا عمار فأوجز وأبلغ، فَقُلْنَا: لَو كنت تنفست، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن طول صَلَاة الرجل وَقصر خطبَته مئنة من فقهه، وَإِن من الْبَيَان سحرًا ".
تنفست بِمَعْنى مددت الْكَلَام قَلِيلا، وَهُوَ مشبه بِمد النَّفس.
ومئنة بِمَعْنى عَلامَة تدل على فقه الرجل. قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ كَقَوْلِك: مخلقة، ومجدرة، ومحراة.
وَالْفِقْه: الْفَهم، قَالَ الْأَزْهَرِي: الْفِقْه أَن يعلم الرجل من بَاطِن مَا يسْأَل عَنهُ كَمَا يعلم من ظَاهره لَا يخفى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء. فَأَما الْبَيَان فَقَالَ أَبُو عبيد: الْبَيَان من الْفَهم وذكاء الْقلب مَعَ اللسن، فصاحبه يمدح فَيصدق، ويذم فَيصدق، وَكَأَنَّهُ قد سحر السامعين بذلك. وَقَالَ مَالك ابْن دِينَار: مَا رَأَيْت أبين من الْحجَّاج، إِن كَانَ ليرقى الْمِنْبَر فيذكر إحسانه إِلَى أهل الْعرَاق وصفحه عَنْهُم وإساءتهم إِلَيْهِ حَتَّى أَقُول فِي نَفسِي: وَالله إِنِّي لأحسبه صَادِقا، وَإِنِّي لأظنهم ظالمين لَهُ.