وَقَوله: فتمرغت فِي الصَّعِيد كَمَا تتمرغ الدَّابَّة. وَإِنَّمَا فعل هَذَا لِأَنَّهُ رأى التُّرَاب بَدَلا عَن المَاء فَاسْتَعْملهُ فِي جَمِيع الْبدن. فَأَما الصَّعِيد فَهُوَ التُّرَاب قَالَه عَليّ وَابْن مَسْعُود واللغويون، مِنْهُم الْفراء وَأَبُو عبيد والزجاج وَابْن قُتَيْبَة.
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يَقع اسْم الصَّعِيد إِلَّا على تُرَاب ذِي غُبَار، فعلى هَذَا لَا يجوز التَّيَمُّم إِلَّا بِالتُّرَابِ، وَهُوَ قَول أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَدَاوُد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يجوز بِجَمِيعِ أَجزَاء الأَرْض كالنورة والجص والزرنيخ وَغَيره. وَزَاد مَالك فَقَالَ: وَيجوز بالحشيش وَالشَّجر، فعلى هَذَا يكون الصَّعِيد عِنْدهمَا مَا تصاعد على وَجه الأَرْض سَوَاء كَانَ تُرَابا أَو غَيره، وَلَا خلاف أَنه إِذا ضرب بِيَدِهِ على الطين أَنه لَا يجْزِيه. وَقد سلم خصمنا برادة الذَّهَب وَالْفِضَّة والصفر والنحاس والدقيق وسحيق الزّجاج والجوهر والصندل ونحاتة الْخشب وَنَحْو ذَلِك، فَأَما الرمل فلأبي حنيفَة وَأحمد فِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَقد دلّ حَدِيث عمار هَذَا على أَنه يجوز الِاقْتِصَار فِي التَّيَمُّم على الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ بضربة وَاحِدَة، وَهُوَ قَول مَالك وَدَاوُد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد: لَا يجْزِيه إِلَّا أَن يمسح إِلَى الْمرْفقين. وَلَا