أَي ينازله، أَو لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مَحل إِزَار صَاحبه.

قلت: فَلَمَّا كَانَ الشّرك أعظم الذُّنُوب بَدَأَ بِهِ لِأَنَّهُ جحد للتوحيد، ثمَّ ثناه بِالْقَتْلِ لِأَنَّهُ محو للموجد، وَلم يكف كَونه قتلا، حَتَّى جمع بَين وصف الْولادَة وظلم من لَا يعقل وَعلة الْبُخْل، فَلذَلِك خصّه بِالذكر من بَين أَنْوَاع الْقَتْل، ثمَّ ثلث بِالزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَب لاختلاط الْفرش والأنساب، وَخص حَلِيلَة الْجَار لِأَن ذَنْب الزِّنَا بهَا يَتَفَاقَم بهتك حُرْمَة الْجَار، وَقد كَانَ الْعَرَب يتشددون فِي حفظ ذمَّة الْجَار، ويتمادحون بِحِفْظ امْرَأَة الْجَار، قَالَ عنترة:

(يَا شَاة مَا قنص لمن حلت لَهُ ... حرمت عَليّ وليتها لم تحرم)

قَالَ ابْن قُتَيْبَة: عرض بجارته، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَي صيد أَنْت لمن حل لَهُ أَن يصيدك، أما أَنا فَإِن حُرْمَة الْجوَار قد حرمتك عَليّ.

وَقَالَ مِسْكين الدَّارمِيّ:

(مَا ضرّ لي جَار أجاوره ... أَلا يكون لبابه ستر)

(أعمى إِذا مَا جارتي خرجت ... حَتَّى يواري جارتي الْجدر)

(وتصم عَمَّا بَينهم أُذُنِي ... حَتَّى يكون كَأَنَّهُ وقر)

وَقد اخْتلفت أَحَادِيث الصَّحِيح فِي عدد الْكَبَائِر، فَهِيَ هَاهُنَا ثَلَاث، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث أبي بكرَة ثَلَاث أَيْضا إِلَّا أَنَّهَا تخْتَلف، وَتَأْتِي فِي حَدِيث أنس أَربع، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو إِلَّا أَنَّهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015