وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَن الْكَلَام مُطلق فِي حق كل من فعل هَذَا. وَقَول ابْن مَسْعُود يدل على ذَلِك. وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ المتصنعات من النِّسَاء للفجور، لِأَن مثل هَذَا التحسن دأبهن. وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهن المموهات على الرِّجَال بِمثل هَذِه الْأَفْعَال لتغر المتزوج.
206 - / 235 - وَفِي الحَدِيث الْحَادِي عشر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ (النَّجْم) فَسجدَ، وَسجد من كَانَ مَعَه، غير أَن شَيخا من قُرَيْش أَخذ كفا من تُرَاب فرفعه إِلَى جَبهته، فَلَقَد رَأَيْته قتل كَافِرًا.
إِنَّمَا سجد رَسُول الله فِي سُورَة " النَّجْم " عِنْد السَّجْدَة الَّتِي فِي آخرهَا، وَهَذَا دَلِيل على مَالك، لِأَنَّهُ يَقُول: لَيْسَ فِي الْمفصل سَجْدَة. وَلما سجد رَسُول الله سجد الْمُشْركُونَ مَعَه، وَإِنَّمَا سجدوا لأَنهم سمعُوا (تِلْكَ الغرانيق العلى. وَإِن شفاعتهن لترتجى) فَفَرِحُوا ووافقوه فِي السُّجُود. وَقد بيّنت فِي " التَّفْسِير " أَن شَيْطَانا تكلم بذلك فسمعوه، إِمَّا من شياطين الْجِنّ أَو من شياطين الْإِنْس، لأَنهم كَانُوا إِذا قَرَأَ الرَّسُول لَغوا كَمَا وَصفهم الله عز وَجل بقوله: {لَا تسمعوا لهَذَا الْقُرْآن والغوا فِيهِ} [فصلت: 26] فَلَمَّا سمعُوا هَذِه السُّورَة قَالَ بعض الشَّيَاطِين هَذِه الْكَلِمَات على وَزنهَا، فظنوا أَن رَسُول الله قد قَالَهَا، وَإِنَّمَا قيلت فِي ضمن تِلَاوَته. فَأَما أَن يكون جرى على لِسَان الرَّسُول الْمَعْصُوم مثل هَذَا فمحال، فَلَا تغترر بِمَا تسمعه فِي التفاسير من أَنه