أَلْفَاظ الحَدِيث فَقلت: لمن أَنْت يَا غُلَام؟ فَقَالَ: لرجل من قُرَيْش. ثمَّ قد روينَاهُ من حَدِيث لوين عَن حديج بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء، فَقَالَ فِيهِ: فَقلت: لمن أَنْت؟ فَسمى رجلا من أهل مَكَّة.

فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ لم يتورع الرَّسُول وَلَا أَبُو بكر من شرب ذَلِك اللَّبن، وَقد حلبه لَهما مَمْلُوك لَا يدرى: هَل أذن لَهُ سَيّده فِي مثل ذَلِك أم لَا؟

فَالْجَوَاب: أَنه لَا يَخْلُو الْحَال من أحد خَمْسَة أَشْيَاء:

الأول: أَن يكون الْأَمر مَحْمُولا على الْعَادة، وَالْعَادَة جَارِيَة من الْعَرَب بقرى الضَّيْف، وَأَن الموَالِي لَا يمْنَعُونَ المماليك من ذَلِك.

وَالثَّانِي: أَن قَوْله: أفتحلب لي؟ يشبه أَن يكون مَعْنَاهُ: هَل أذن لَك فِي ذَلِك؟ .

وَالثَّالِث: أَنه قد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث أَحْمد فِي مُسْنده فَقَالَ فِيهِ: فَقلت: لمن أَنْت يَا غُلَام؟ فَقَالَ: لرجل من قُرَيْش، فَسَماهُ، فعرفته. فَيجوز أَن يكون لذَلِك الرجل قرَابَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو لأبي بكر، أَو صديقا لَا يبخل.

وَالرَّابِع: أَن الجائع والعطشان إِذا مر بِغنم لَا يملكهَا جَازَ لَهُ أَن يَأْخُذ قدر حَاجته. هَذَا مَذْهَب أَصْحَابنَا، وَالْحسن، وَالزهْرِيّ. قَالُوا: وَكَذَلِكَ إِذا مر بالثمار الْمُعَلقَة وَلَا حَائِط عَلَيْهَا جَازَ لَهُ الْأكل من غير ضَمَان، سَوَاء اضْطر إِلَيْهَا أَو لم يضْطَر. وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: إِنَّمَا يُبَاح ذَلِك للمحتاج. قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة صَالح: أَرْجُو أَلا يكون بِهِ بَأْس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015