صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد: " من يأتيني بِخَبَر سعد بن الرّبيع؟ " فَقَالَ رجل: أَنا فَذهب يطوف بَين الْقَتْلَى، فَقَالَ لَهُ سعد بن الرّبيع: مَا شَأْنك؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لآتيه بخبرك. قَالَ: فَاذْهَبْ وَأقرهُ مني السَّلَام، وَأخْبرهُ أَنِّي قد طعنت اثْنَتَيْ عشرَة طعنة، وَأَنه قد أنفذت مقاتلي، وَأخْبر قَوْمك أَنهم لَا عذر لَهُم عِنْد الله إِن قتل رَسُول الله وَوَاحِد مِنْهُم حَيّ، وَمَات من جراحته تِلْكَ.
وَهَذِه المؤاخاة كَانَت فِي أول سنة من سني الْهِجْرَة، وعامتها بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وَلها سببان:
أَحدهمَا: أَنه أجراهم على مَا كَانُوا ألفوا فِي الْجَاهِلِيَّة من الْحلف، فَإِنَّهُم كَانُوا يتوارثون بِالْحلف، فنفاه وَأثبت من جنسه المؤاخاة، لِأَن الْإِنْسَان إِذا فطم عَمَّا يألفه علل بِجِنْسِهِ.
وَالثَّانِي: أَن الْمُهَاجِرين قدمُوا مُحْتَاجين إِلَى المَال والمنازل، فنزلوا على الْأَنْصَار، فأكد هَذِه المخالطة بالمؤاخاة، وَلم يكن بعد غزَاة بدر مؤاخاة، لِأَن الْغَنَائِم وَقعت بِالْقِتَالِ، فاستغنى الْمُهَاجِرُونَ بِمَا كسبوا.
وَقد أحصيت عدد الَّذين آخى بَينهم فِي كتابي الْمُسَمّى بالتلقيح، فَكَانُوا مائَة وَسِتَّة وَثَمَانِينَ رجلا.
وَقَوله: " فكم سقت؟ " أَي كم أَعْطَيْت؟ وَكَانَ عَادَتهم سوق الْإِبِل إِلَى الْمَرْأَة فِي الْمهْر.
والنواة فِي الموزونات خَمْسَة دَرَاهِم، هَكَذَا ذكر أَبُو عبيد. وَقَالَ