وَمعنى يدعثره: يهدمه ويطحطحه بَعْدَمَا قد صَار رجلا قد ركب الْخَيل؛ وَهَذَا لِأَن الْمُرْضع إِذا جومعت فسد لَبنهَا فارتضع طفلها لَبَنًا فَاسِدا، فَإِن حملت كَانَ أَكثر فِي الضَّرَر، لِأَن الدَّم الْجيد يتَصَرَّف إِلَى غذَاء الْجَنِين وَيبقى الرَّدِيء للمرضع، إِلَّا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى أَن ترك ذَلِك رُبمَا آذَى الرجل بصبره مُدَّة الرَّضَاع أجَازه بِهَذَا الحَدِيث وَعلل بِذكر فَارس وَالروم.
وَقَوله فِي الْعَزْل: " ذَاك الوأد الْخَفي " الوأد مصدر وأد الرجل ابْنَته: إِذا دَفنهَا وَهِي حَيَّة، فَهِيَ موءودة، فَكَأَنَّهُ جعل الْعَزْل كَالْقَتْلِ، لِأَنَّهُ إِتْلَاف مَا هُوَ متهيئ للنماء، صاعد إِلَى مقَام الْكَمَال.
وتلاوته قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا الموءودة سُئِلت} [التكوير: 8] عِنْد ذكر الْعَزْل للتّنْبِيه على أَن هَذَا مرتق إِلَى مقَام تِلْكَ، وَهَذَا كُله للإعلام بِالْكَرَاهَةِ. وَقد تقدم فِي مُسْند جَابر أَن رجلا سَأَلَهُ عَن الْعَزْل عَن جَارِيَته، فَقَالَ: " اعزل عَنْهَا إِن شِئْت " وَقد اتّفق الْعلمَاء على جَوَاز الْعَزْل من غير إِثْم.