وَالثَّالِث: ثَلَاث رَضعَات، وَهُوَ قَول أبي عبيد وَدَاوُد، وَرِوَايَة عَن أَحْمد، وَوَجهه قَوْله: " لَا تحرم المصة والمصتان " فَكَانَ دَلِيل قَوْله: إِن الثَّلَاث تحرم.
وَاخْتلف الْعلمَاء هَل يتَعَلَّق تَحْرِيم الرَّضَاع بالوجور والسعوط؟ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: يتَعَلَّق بذلك. وَقَالَ دَاوُد: لَا يتَعَلَّق بِهِ وَعَن أَحْمد كالمذهبين. وَاخْتَارَ أَبُو بكر عبد الْعَزِيز الرِّوَايَة الَّتِي توَافق دَاوُد.
وَأما اللَّبن المشوب بِالْمَاءِ وَالطَّعَام والدواء فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِهِ التَّحْرِيم، سَوَاء كَانَ اللَّبن مَغْلُوبًا أَو غَالِبا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَنه إِذا خالطه الدَّوَاء حرم وَإِن كَانَ مَغْلُوبًا.
فَإِن صنعت الْمَرْأَة من لَبنهَا جبنا فأطعمته صَبيا حرم، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يحرم.
فَإِن حلب لبن ميتَة وأرضع بِهِ صبي حرم، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يحرم، وَهُوَ اخْتِيَار أبي بكر الْخلال من أَصْحَابنَا. وَأما قَول عَائِشَة: فَتوفي رَسُول الله وَهِي فِيمَا نَقْرَأ من الْقُرْآن. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن عشر وَلَا خمس. فَالْجَوَاب أَن هَذَا مِمَّا نسخ لَفظه وَبَقِي حكمه فَأَشَارَتْ إِلَى أَن هَذَا فِي آخر زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صَار بعض من لم يبلغهُ النّسخ يقْرَأ ذَلِك على الرَّسْم الأول، ثمَّ أزيل ذَلِك من الْقُلُوب