الْأَسْبَاب تشاغلت بِهِ عَن إِيذَاء الْقلب المتَوَكل النَّاظر إِلَى الْمُسَبّب. وَمن هَذَا حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي: أَنهم رَأَوْهُ يحمل طَعَاما وَيَقُول: إِن النَّفس إِذا أحرزت قوتها اطمأنت.

2555 - / 3276 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ بعد الْمِائَة: إِن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول: من أصبح جنبا فَلَا يصم، وَأَن عَائِشَة وَأم سَلمَة روتا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُدْرِكهُ الْفجْر وَهُوَ جنب ثمَّ يغْتَسل ويصوم. فَلَمَّا قيل لأبي هُرَيْرَة قَالَ: لم أسمعهُ من رَسُول الله، سمعته من الْفضل بن الْعَبَّاس.

وَقد تعلق بِهَذَا بعض الطاعنين على أبي هُرَيْرَة فَقَالَ: لما بَان لَهُ الصَّوَاب أحَال على ميت. لِأَن الْفضل مَاتَ سنة ثَمَانِي عشرَة فِي خلَافَة عمر.

وَالْجَوَاب: أَن يُقَال لهَذَا الْجَاهِل بِالْعلمِ: أما أَبُو هُرَيْرَة فَلَا مطْعن فِيهِ، وَقد ذكرنَا فَضله فِي حَدِيث " الْمُصراة " من مُسْنده، ورددنا على الطاعنين عَلَيْهِ. ثمَّ لَو علمت مَا جرى فِي هَذِه الشَّرِيعَة من النَّاسِخ والمنسوخ، وَعرفت أَن جمَاعَة من الصَّحَابَة استصحبوا الْعَمَل بالمنسوخ وَلم يبلغهم النَّاسِخ مَا قلت هَذَا، وَلَكِن الْجَهْل مهلك.

ثمَّ إِنَّه قد كَانَ فِي أول الْإِسْلَام يحرم على من نَام أَن يَأْكُل إِذا انتبه بِاللَّيْلِ، أَو يُجَامع، فَكَانَ مَا قَالَه أَبُو هُرَيْرَة تَابعا لذَلِك الحكم، فَلَمَّا جَاءَت الْإِبَاحَة للْأَكْل وَالْجِمَاع إِلَى حِين طُلُوع الْفجْر صَار من ضَرُورَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015