وَجهه فَإِذا هُوَ طَلْحَة بن عبيد الله. قَالَت: فَقَالَ: وَيحك يَا عمر، إِنَّك قد أكثرت مُنْذُ الْيَوْم، وَأَيْنَ التحور أَو الْفِرَار إِلَّا إِلَى الله؟ قَالَت: وَرمى سَعْدا رجل من الْمُشْركين يُقَال لَهُ ابْن العرقة فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنا ابْن العرقة، فَأصَاب أكحله، فَدَعَا الله سعد فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تمتني حَتَّى تشفيني من قُرَيْظَة. وَكَانُوا موَالِيه وحلفاءه فِي الْجَاهِلِيَّة.

قَالَت: فرقأ كَلمه، وَبعث الله الرّيح على الْمُشْركين، وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال، وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة، فَأمر بقبة فَضربت على سعد بن معَاذ فِي الْمَسْجِد، قَالَت: فَجَاءَهُ جِبْرِيل على ثناياه النَّقْع فَقَالَ: أَو قد وضعت السِّلَاح؟ فوَاللَّه مَا وضعت الْمَلَائِكَة السِّلَاح بعد، اخْرُج إِلَى بني قُرَيْظَة فَقَاتلهُمْ. فَقَالَت: فَلبس رَسُول الله لأمته، وَأذن فِي النَّاس بالرحيل، فَأَتَاهُم رَسُول الله فَحَاصَرَهُمْ خمْسا وَعشْرين لَيْلَة.

فَلَمَّا اشْتَدَّ حصرهم قيل لَهُم: انزلوا على حكم رَسُول الله، فاستشاروا أَبَا لبَابَة فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَنه الذّبْح، فَقَالُوا: ننزل على حكم سعد ابْن معَاذ. فَبعث رَسُول الله إِلَى سعد، فَحمل على حمَار عَلَيْهِ إكاف من لِيف، وحف بِهِ قومه فَجعلُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَمْرو، حلفاؤك ومواليك وَمن قد علمت، وَهُوَ لَا يرجع إِلَيْهِم شَيْئا، فأنزلوه، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله: " احكم فيهم " قَالَ: فَإِنِّي أحكم فيهم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ، وتسبى ذَرَارِيهمْ، وتقسم أَمْوَالهم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لقد حكمت فيهم بِحكم الله وَحكم رَسُوله " قَالَت: ثمَّ دَعَا الله عز وَجل سعد فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كنت أبقيت على نبيك من حَرْب قُرَيْش شَيْئا فأبقني لَهَا، وَإِن كنت قطعت الْحَرْب بَينه وَبينهمْ فاقبضني إِلَيْك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015