وَلم يُنكر عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو كَانَ مُنْكرا لأنكره، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: من لم يجد مَاء وَلَا تُرَابا لم يصل، وَعَن مَالك كالمذاهب الثَّلَاثَة.
فَإِن قَالَ قَائِل: ظَاهر الحَدِيث أَنَّهَا كَانَت فِي قصتين فِي حالتين. قُلْنَا: بل كَانَت قصَّة وَاحِدَة، وَإِنَّمَا الروَاة تختصر وتخالف بَين الْعبارَات، فَإِن القلادة كَانَت لأسماء واستعارتها مِنْهَا عَائِشَة وأضافتها إِلَيْهَا فَقَالَت: ضَاعَ عقد لي، فَأَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لالتماسها، وَبعث رجَالًا يطلبونها فِي الْموضع الَّذِي رحلوا عَنهُ، فصلى أُولَئِكَ بِغَيْر وضوء، وَجَاءُوا وَقد نزلت آيَة التَّيَمُّم، فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِالتَّيَمُّمِ.
2455 - / 3148 - والْحَدِيث الْخَامِس: حَدِيث بَرِيرَة، وَفِيه: " إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق "، وَقد سبق فِي مُسْند ابْن عمر.
وَلَيْسَ فِي الحَدِيث أَن اشْتِرَاط الْوَلَاء كَانَ مُقَارنًا للْعقد، فَالْأَظْهر أَن يكون سَابِقًا للْعقد وَعدا بذلك.
وَقَوله: " وليشترطوا مَا شَاءُوا " الْمَعْنى: لَيْسَ لَهُم تحكم فِي الشَّرْع؛ لِأَن الشُّرُوط اللَّازِمَة شَرْعِيَّة. وَقد رُوِيَ فِي لفظ صَحِيح: " خذيها واشترطي لَهُم الْوَلَاء، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " وَهَذَا مِمَّا قد رده قوم وأبوا صِحَّته، وَذكروا فِي رده علتين:
إحدهما: أَنه شَيْء انْفَرد بِهِ مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة.