رَوَاهُ بِالْمَعْنَى، وظنه من الصفح الَّذِي هُوَ الْعَفو فَزَاد فِيهِ لَفْظَة: عَنهُ.
وَقد تكلمنا فِي مُسْند ابْن مَسْعُود فِي معنى غيرَة الله عز وَجل، وَمعنى: مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن.
وَأما قَوْله: " وَلَا شخص أغير من الله " فالشخص هَاهُنَا يرجع إِلَى الْأَشْخَاص المخلوقين، لَا أَن الله عز وَجل يُقَال لَهُ شخص، فَكَأَن الْمَعْنى: لَيْسَ مِنْكُم أَيهَا الْأَشْخَاص أغير من الله. وَمثل هَذَا قَوْله: مَا خلق الله من سَمَاء وَلَا أَرض أعظم من آيَة الْكُرْسِيّ. والخلق رَاجع إِلَى الْمَخْلُوقَات، وَالْمعْنَى: أَن آيَة الْكُرْسِيّ أعظم من جَمِيع الْمَخْلُوقَات، وَكَذَلِكَ قَالَ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل فِي حَدِيث آيَة الْكُرْسِيّ.
وَقد انزعج لهَذِهِ اللَّفْظَة الْخطابِيّ فَقَالَ: الشَّخْص لَا يكون إِلَّا جسما مؤلفا، وَإِنَّمَا يُسمى شخصا مَا كَانَ لَهُ شخوص وارتفاع، وَمثل هَذَا النَّعْت منفي عَن الله تَعَالَى، وخليق أَن تكون هَذِه اللَّفْظَة غير صَحِيحَة، أَو أَن تكون تصحيفا من الرَّاوِي. قَالَ: وَقد رَوَاهُ أَبُو عوَانَة عَن عبد الْملك وَلم يذكر هَذِه اللَّفْظَة، وَقد روته أَسمَاء بنت أبي بكر فَقَالَت: " لَا شَيْء أغير من الله " قَالَ: فالشخص وهم وتصحيف، وَلَيْسَ كل الروَاة يراعون اللَّفْظ؛ بل مِنْهُم من يحدث بِالْمَعْنَى، وَلَيْسَ كلهم بفقيه.