من غير حفظ لَهُ فيضيع. وَالثَّانِي: أَن يتلفه إِمَّا بِتَرْكِهِ إِذا كَانَ طَعَاما حَتَّى يفْسد، أَو يرميه إِن كَانَ يَسِيرا كبرا عَن تنَاول الْقَلِيل، أَو بِأَن يرضى بِالْغبنِ، أَو بِأَن ينْفق فِي الْبناء واللباس والمطعم مَا هُوَ إِسْرَاف. وَالثَّالِث: أَن يُنْفِقهُ فِي الْمعاصِي، فَهَذَا تَضْييع من حَيْثُ الْمَعْنى. وَالرَّابِع: أَن يسلم مَال نَفسه إِلَى الخائن، أَو مَال الْيَتِيم إِلَيْهِ إِذا بلغ مَعَ علمه بتبذيره.
أما كَثْرَة السُّؤَال فَفِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: كَثْرَة السُّؤَال للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؛ فَإِنَّهُ قد قَالَ: " ذروني مَا تركتكم "؛ فَإِنَّهُ رُبمَا سَأَلُوا فأجيبوا بِمَا لَا يطيقُونَهُ من الْمَفْرُوض. وَالثَّانِي: سُؤال النَّاس؛ فَإِن من قصد سد الْفَاقَة لم يكثر السُّؤَال.
وَأما عقوق الْأُمَّهَات فَإِنَّمَا خص الْأُمَّهَات بِالذكر لعظم حقهن، وحقهن مقدم على حق الْأَب كَمَا قدمهن فِي الْبر، وَإِنَّمَا يخص الشَّيْء بِالذكر من بَين جنسه لِمَعْنى فِيهِ يزِيد على غَيره، كَمَا قَالَ: " من رمانا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ منا "؛ وَإِن كَانَ الحكم كَذَلِك بِالنَّهَارِ، وَلَكِن الرَّمْي بِاللَّيْلِ أَشد قبحا ونكاية؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي على غَفلَة.
وَأما وأد الْبَنَات فَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ من الموءودة، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك ببناتهم فِي الْجَاهِلِيَّة، كَانَ أحدهم رُبمَا ولدت لَهُ الْبِنْت فيدفنها وَهِي حَيَّة حِين تولد، وَلِهَذَا كَانُوا يسمون الْقَبْر صهرا: أَي قد زَوجهَا مِنْهُ، قَالَ الشَّاعِر: