وَقد كَانَ حَكِيم بن حزَام يعد من الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم، ثمَّ اسْتَقر الْإِيمَان فِي قلبه فَصَارَ أثبت من الْجبَال، فَكَانَ لَا يَأْخُذ حَقه من بَيت المَال، لَا من أبي بكر وَلَا من عمر.
2258 - / 2866 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: يَا رَسُول الله! أَرَأَيْت أمورا كنت أتحنث بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة من صَلَاة وعتاقة وَصدقَة، هَل لي فِيهَا أجر؟ فَقَالَ: " أسلمت على مَا سلف لَك من خير ".
أتحنث بِمَعْنى أَتَعبد وأقصد الْبر. وَكَانَ حَكِيم بن حزَام قد أعتق مائَة رَقَبَة فِي الْجَاهِلِيَّة، وَحمل على مائَة بعير، ونرى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورى عَن جَوَابه، فَإِنَّهُ سَأَلَهُ: هَل لي فِيهَا أجر؟ يُرِيد ثَوَاب الْآخِرَة، وَمَعْلُوم أَنه لَا ثَوَاب فِي الْآخِرَة لفعل كَافِر، فَقَالَ لَهُ: " أسلمت على مَا سلف لَك من خير " فالعتق فعل خير، وَقد قَالَ شُعَيْب لِقَوْمِهِ " {إِنِّي أَرَاكُم بِخَير} [هود: 84] يُشِير إِلَى رخص الأسعار، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّك قد فعلت خيرا، وَالْخَيْر يمدح فَاعله، وَقد يجازى عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا. وَقد سبق فِي أَفْرَاد مُسلم من حَدِيث أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " أما الْكَافِر فيطعم بحسناته فِي الدُّنْيَا، فَإِذا لَقِي الله عز وَجل لم يكن لَهُ حَسَنَة يعْطى بهَا خيرا ". وَقد يدْفع عَن الْكَافِر بعض الْعَذَاب، كَمَا دفع عَن أبي طَالب فَكَانَ أخف أهل النَّار عذَابا، وَقد أجَاب أَبُو سُلَيْمَان البستي بِجَوَاب آخر فَقَالَ: قد رُوِيَ أَن حَسَنَات الْكَافِر إِذا ختم لَهُ بِالْإِسْلَامِ