خلقُوا من آدم. وَالثَّانِي: أَن الْمَعْنى: أم خلقُوا لغير شَيْء؛ أَي: أخلقوا عَبَثا، ذكرهمَا الزّجاج. وَالثَّالِث: أم خلقُوا فوجدوا بِلَا خَالق، وَذَلِكَ مَا لَا يجوز، لِأَن تعلق الْخلق بالخالق من ضَرُورَة الِاسْم: {أم هم الْخَالِقُونَ} لأَنْفُسِهِمْ، فَإِذا ثَبت أَن لَهُم خَالِقًا فليؤمنوا بِهِ، ذكره الْخطابِيّ، قَالَ: وَقَول: {بل لَا يوقنون} هِيَ الْعلَّة الَّتِي منعتهم عَن الْإِيمَان، وَلِهَذَا انزعج جُبَير بن مطعم لحسن مَعْرفَته بِمَا تحوي الْآيَة.
2246 - / 2852 - وَفِي الحَدِيث الْخَامِس: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة وَاقِفًا مَعَ النَّاس بِعَرَفَة، فَقلت: هَذَا وَالله من الحمس، فَمَا شَأْنه هَاهُنَا؟
كَانَت قُرَيْش وَبَنُو كنَانَة يسمون الحمس، لأَنهم تحمسوا فِي دينهم: أَي تشددوا، والحماسة: الشدَّة فِي كل شَيْء، وَكَانُوا يقفون عَشِيَّة عَرَفَة بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَقُولُونَ: نَحن قطن الْبَيْت، وَكَانَ بَقِيَّة الْعَرَب وَالنَّاس يقفون بِعَرَفَات، فَنزل قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [الْبَقَرَة: 199] ، وَهَذِه الْآيَة نزلت فِي الْإِسْلَام وَذَاكَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَهَذَا الرجل إِنَّمَا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَاهِلِيَّة، فَكَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالف قومه فِي هَذَا مَعَ مَا خَالف.
فَأَما حجَّة الْوَدَاع فَإِنَّهُ لم يكن ثمَّ مُشْرك. وَسَيَأْتِي هَذَا مُبينًا فِي الحَدِيث التَّاسِع والثمانين من مُسْند عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا.