إِلَى الْأَحْجَار لم يجزه أقل من ثَلَاثَة أَحْجَار، وَهَذَا قَول أَحْمد وَالشَّافِعِيّ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجب الْعدَد، وَإِنَّمَا يعْتَبر الإنقاء فَحسب، فَإِنَّهُ قد يحصل بِالْحجرِ الْوَاحِد. وللشرع تعبد فِي الْمَعْقُول مَعْنَاهُ، كَمَا لَهُ تعبد فِيمَا لَا يعقل، أَلا ترى أَنه لما ورد الشَّرْع بسن مَعْلُوم فِي الْهَدْي وَالْأَضَاحِي لم يجز إِبْدَال سنّ بسن وَإِن كَانَ يعقل الْمَعْنى، وَالْعجب من أَصْحَاب الرَّأْي كَيفَ يُنكرُونَ دُخُول التَّعَبُّد فِي مثل هَذَا، وَلَهُم قَول فِي إِيجَاب ثَلَاث مَرَّات فِي غسل النَّجَاسَة وَإِن زَالَت بِأول مرّة.

وَأما الرجيع فَهُوَ الْعذرَة، وَسمي رجيعا لِأَنَّهُ رَجَعَ عَن حَالَته الأولى بعد أَن كَانَ طَعَاما.

وَعِنْدنَا أَنه لَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بالرجيع سَوَاء كَانَ طَاهِرا كروث الْبَقر وَالْإِبِل، أَو نجسا كروث الْبَغْل وَالْحمار، وَكَذَلِكَ الْعظم، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. وَأما إِذا كَانَ نجسا فالنجس لَا يجوز اسْتِعْمَاله. وَأما إِذا كَانَ الْعظم طَاهِرا فقد سبق فِي مُسْند ابْن مَسْعُود أَن الْجِنّ سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّاد فَقَالَ: " لكم كل عظم ذكر اسْم الله عَلَيْهِ، وكل بَعرَة علف لدوابكم " فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَلَا تستنجوا بهما؛ فَإِنَّهُمَا طَعَام إخْوَانكُمْ ". وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَدَاوُد: يجوز الِاسْتِنْجَاء بالروث وَالْعِظَام، وَسَوَاء فِي ذَلِك النَّجس والطاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015