تمكن الشَّارِب، وَلِأَنَّهُ يُؤْذِي من حَيْثُ الطِّبّ، فَإِن الْمعدة تكون فِي حَال الْقيام كالمتقلص. وَمَا رُوِيَ أَنه شرب قَائِما يدل على الْجَوَاز، وَقد كَانَ لعذر. ثمَّ إِنِّي رَأَيْت أَبَا سُلَيْمَان قد ذكر نَحْو مَا وَقع لي فَقَالَ: النَّهْي عَن الشّرْب قَائِما نهي تَأْدِيب لِأَنَّهُ أرْفق بالشارب، وَذَلِكَ الطَّعَام وَالشرَاب إِذا تناولهما الشَّارِب على حَال سُكُون وطمأنينة كَانَا أنجع فِي الْبدن وأمرأ فِي الْعُرُوق، وَإِذا تناولهما على حَال حَرَكَة اضطرابا فِي الْمعدة وتخضخضا، فَكَانَ فِيهِ الْفساد وَسُوء الهضم. وَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه شرب قَائِما فَهُوَ متأول على الضَّرُورَة الداعية، وَإِنَّمَا فعل ذَلِك بِمَكَّة، شرب من مَاء زَمْزَم قَائِما، وَمَعْلُوم أَن الْقعُود هُنَاكَ والطمأنينة كالمتعذر لإزدحام النَّاس عَلَيْهِ ينظرُونَ إِلَيْهِ ويتقدون بِهِ فِي نسكهم، فَرخص فِي هَذَا للْعُذْر.