نأى بِمَعْنى: مَال.
وَالْمرَاد من الحَدِيث أَنه لما صدق فِي التَّوْبَة اجْتهد فِي الْقرب إِلَى أهل الْخَيْر فأعين على اجْتِهَاده بِالْوَحْي إِلَى الأَرْض الصَّالِحَة: أَن تقربي، وَإِلَى الخبيثة: أَن تباعدي، وَهَذَا من جنس قَوْله تَعَالَى: {كَذَلِك كدنا ليوسف} [يُوسُف: 76] .
1470 - / 1778 - وَفِي الحَدِيث السَّادِس وَالْأَرْبَعِينَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أخي اسْتطْلقَ بَطْنه، فَقَالَ: ((اسْقِهِ عسلا)) .
قد يشكل هَذَا على قوم: فَيَقُولُونَ: كَيفَ أَمر صَاحب الإسهال بالعسل؟ وَالْجَوَاب من أَرْبَعَة أوجه: أَحدهَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَأَول الْآيَة، وَهِي قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ شِفَاء للنَّاس} [النَّحْل: 69] وَلم يلْتَفت إِلَى اخْتِلَاف الْأَمْرَاض. وَالثَّانِي: أَن مَا كَانَ يذكرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الطِّبّ على مَذَاهِب الْعَرَب وعاداتهم كَمَا بَينا فِي مُسْند رَافع بن خديج فِي إبراد الْحمى بِالْمَاءِ. وَالثَّالِث: أَن الْعَسَل كَانَ يُوَافق ذَلِك الرجل، فَقَالَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: كَانَ استطلاقه من الإمتلاء وَسُوء الهضم، وَسَائِر الْأَطِبَّاء يأمرون صَاحب الهيضة بألا يمسك الطبيعة ليستفرغ الفضول. وَالرَّابِع: أَن يكون أمره بطبخ الْعَسَل قبل سقيه، والمطبوخ قد يعقل المبلغمين.