وَأما قَول ذِي الْخوَيْصِرَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((اعْدِلْ)) فَإِن أصل هَذَا الضلال أَن يرتضي الْإِنْسَان رَأْي نَفسه، فَلَو أَن هَذَا الرجل وفْق لعلم أَنه لَا رَأْي فَوق رَأْي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلكنه وَأَصْحَابه ردوا على الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله، وحاربوا عليا عَلَيْهِ السَّلَام، يَزْعمُونَ أَنه أَخطَأ فِي تحكيمه، وَإِذا ظن الْإِنْسَان من هَؤُلَاءِ أَنه أتقى من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأعلم من عَليّ ابْن أبي طَالب لم يبْق مَعَه حَدِيث. وعَلى هَذَا كثير من الْعَوام، يَعْتَقِدُونَ الشَّيْء الْخَطَأ من الْعلم الَّذِي لم يتشاغلوا بِهِ، فَلَا يقدر الْعَالم أَن يردهم عَنهُ، وَسَببه اقتناعهم بآرائهم وإعجابهم بهَا. فَيَنْبَغِي أَلا ينزعج الْعَالم إِذا ردوا عَلَيْهِ، فقد جرى لهَذَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يسلي.

وَالتَّاء فِي ((خبت وخسرت)) مَفْتُوحَة، وَبَعْضهمْ يضمها، وَقد سبق هَذَا فِي مُسْند جَابر.

وَقَوله: ((إِن لَهُ أصحابا يحقر أحدكُم صلَاته مَعَ صلَاتهم)) يُمكن أَن يُقَال: إِنَّه نهى عَن قَتله لِئَلَّا يُقَال: قتل الْمُصَلِّين الْعباد.

وَفِي هَذِه الْقِصَّة تَنْبِيه على شرف الْعلم؛ لِأَن هَؤُلَاءِ اشتغلوا بالتعبد عَن الْعلم، فضيعوا الْأُصُول. وَكم من متزهد شغله الصَّلَاة وَالصَّوْم وَهُوَ مفرط فِي أصُول كَثِيرَة، والشيطان يلْعَب بِهِ لقلَّة علمه، وَأَقل مَا يصنع بِهِ أَنه يرِيه أَنه خير من غَيره.

وَأما الْبضْعَة فَهِيَ الْقطعَة من اللَّحْم.

وَقَوله: ((تدَرْدر)) قَالَ ابْن قُتَيْبَة: تذْهب وتجىء، وَمثله تدلدل وتذبذب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015