وَجل: {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} الْآيَة [النُّور: 33] .

كَانَ الْقَوْم فِي الْجَاهِلِيَّة يكْرهُونَ فتياتهم على الزِّنَا وَيَأْخُذُونَ أُجُورهنَّ: فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام كَانَ ابْن أبي يكره جواريه. وَفِي هَذَا الحَدِيث اسْم جاريتين لَهُ: أُمَيْمَة ومسيكة، وأنهما شكتا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فَنزلت الْآيَة. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: معَاذَة ومسيكه، وَأَن معَاذَة قَالَت لمسيكة: إِن هَذَا الْأَمر الَّذِي نَحن فِيهِ إِن كَانَ خيرا فقد استكثرنا مِنْهُ، وَإِن كَانَ شرا فقد آن لنا أَن ندعه، فَنزلت الْآيَة. وَزعم مقَاتل أَنَّهَا نزلت فِي سِتّ جوَار كن لعبد الله بن أبي: معَاذَة ومسيكة وَأُمَيْمَة وَقتيلَة وَعمرَة وأروى.

والبغاء: الزِّنَا. والتحصن: التعفف.

والإشكال فِي هَذِه الْآيَة أَن يُقَال: كَيفَ قَالَ: {إِن أردن تَحَصُّنًا} فَيجوز إكراههن إِن لم يردن التحصن. فَالْجَوَاب من أَرْبَعَة أوجه: أَحدهَا: أَن الْكَلَام ورد على السَّبَب الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَخرج النَّهْي على صفة السَّبَب وَإِن لم يكن شرطا فِيهِ. وَالثَّانِي: أَنه إِنَّمَا شَرط إِرَادَة التحصن لِأَن الْإِكْرَاه لَا يتَصَوَّر إِلَّا عِنْد إِرَادَة التحصن، فَأَما إِذا لم ترد الْمَرْأَة التحصن فَإِنَّهَا تبغي بالطبع. وَالثَّالِث: أَن (إِن) بِمَعْنى إِذْ، وَمثله: {وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا إِن كُنْتُم مُؤمنين} [الْبَقَرَة: 278] . وَالرَّابِع: أَن فِي الْكَلَام تَقْدِيمًا وتأخيرا، تَقْدِيره: وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم. . إِلَى قَوْله: وَإِمَائِكُمْ إِن أردن تَحَصُّنًا، وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء لتبتغوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015