النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة)، وهي شده الحر في نصف النهار. والمراد: أنه كان يصليها في أول وقتها.
فإن قيل: هذا يعارض الحديثَ الآخر: "إذا اشتدَّ الحرُّ، فأبردوا" (?)؛ لأن صيغة: (كان يفعل) تُشعر بالكثرة والدوام عرفاَّ؟
فالجواب: يمكن الجمعُ بينهما: بأن يكون أطلق اسم الهاجرة على الوقت الذي بعد الزوال مطلقًا؛ فإنه قد يكون فيه الهاجرة في وقتٍ، فيطلق على الوقت مطلقًا بطريق الملازمة، وإن لم يكن وقت الصلاة في حر شديدٍ.
وقد نقل عن صاحب "العين": أن الهجير والهاجرة: نصف النهار (?).
وفي "القاموس": والهَجيرُ، [و] الهجيرة، والهجر، [و] الهاجرة: نصفُ النهار عند زوال الشمس مع الظهر، أو: من عند زوالها إلى العصر؛ لأنَّ الناس يستكنُّون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا، وشدَّةُ الحر، انتهى (?).
فظهر: أن ما بعد الزوال يسمى هاجرةً مطلقًا، والإبراد مقيدةٌ بحال شدة الحر، فإن وجدت شروط الإبراد، أبرد، وإلا، عجل (?).
قال الإمام ابن مفلح: ويُستحب تعجيلُها؛ بأن يتأهب لها بدخول الوقت، وذكر الأَزجيُّ قولًا: [لا] يتطهر قبلَه إلا مع حَرّ؛ وفاقًا لأبي حنيفة، ومالك.