وذكر أكثر علمائنا: أن أفضل الأعمال بعدَ الجهاد والعلم: الصلاةُ؛ خلافًا للشافعي في تقديمها؛ للأخبار في أنها أحبُّ الأعمال إلى الله، وخيرُها، ولأن مداومته - صلى الله عليه وسلم - على فعلها أشدُّ، ولقتل مَنْ تركها تهاونًا، ولتقديم فرضِها، وإنما أضاف إليه سبحانه الصومَ في قوله: "كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصومَ، فإنه لي" (?)؛ لأنه لم يُتعبد به غيرُه في جميع المِلل، بخلاف غيره.
وإضافةُ عبادةٍ إلى غير الله قبل الإسلام لا يوجب عدمَ أفضليَّتها في الإسلام؛ [فإن] (?) الصلاة في الصفا والمروة أعظمُ منها في مسجد من مساجد قرى الشام إجماعًا، وإن كان ذلك المسجدُ ما عُبِدَ فيه غيرُ الله قَطُّ، وقد أضافه إليه بقوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18]، فكذا الصلاةُ مع الصوم (?).
ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره؛ مما اختلفتْ فيه الأجوبةُ بأنه أفضلُ الأعمالط بأن الجواب: إنما اختلف لاختلاف السائلين؛ فأعلمَ كلَّ قومٍ بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبةٌ، أو بما هو لائقٌ بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات؛ بأن يكون العملُ في ذلك الوقت أفضلَ منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضلَ الأعمال (?).
قال ابن دقيق العيد: مثال ذلك: أن يُحمل ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: