وحاصل هذا الباب: أن المستحاضة إما مبتدأة، أو معتادة، وعلى كلٍّ إما مميزة أو غير مميزة.
والمميزة: إما أن يكون تمييزُها صالحًا أن يكون حيضًا، أو لا.
والحديث دل لفظه على أن هذه المرأة كانت معتادة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دعي الصلاةَ قدرَ الأيام التي كنتِ تحيضين فيها".
وحكم المستحاضة -التي لها عادة معلومة لها؛ بأن تعرفَ شهرها، وهو ما اجتمع لها فيه حيضٌ وطهر صحيحان، وتعلمَ وقتَ حيضها وطهرها، وعددَ أيامها-: أن تجلس عادتها، ولو كان لها تمييزٌ صالح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بترك الصلاة قدر أيام حيضها، ولم يستفصل (?).
وتركُ الاستفصال في قضايا الأحوال ينزل منزلة عموم المقال، وهذا مذهبنا كالحنفية، وأحد قولي الشافعي، لكن معتمد مذهبه: تقديمُ التمييز على العادة، وعند مالك: لا عبرة بالعادة (?).
وعلى معتمد مذهبنا: فإن عدمت العادة؛ بأن جهلَتْها، عملت بتمييز صالح للحيض، ونعني به: أنه لا ينقص عن أقل الحيض يومًا وليلة، وأَلاَّ يتجاوز أكثرُه خمسة عشر يومًا، فإن نسيت العدد فقط، وعلمت غيره: جلست من أول موضع حيضها غالبَ الحيض إن اتسع شهرها، وإلا، فالفاضل عن أقل طهر.
وتجلس ناسيةً الوقتَ فقط، العددَ به، وناسية العدد والوقت: تجلس غالب حيض من أول كل مدة عُلم فيها، وَضَاع موضعه، فإن جهلت: فمن