وقد أُفردت خصائصُه بالتأليف، فبلغت أضعافَ ذلك بكثير، فلا نطيل الكتاب بذكرها.
وقد ذكرنا منها طرفا صالحًا في "شرح نونيه الصرصري معارج الأنوار"، وفي "تحبير الوفاء" (?)، وغيرهما؛ فلعل النبى - صلى الله عليه وسلم - واطلع أولًا على بعض ما اختص به، ثم اطلع على الباقي، على أن العددَ لا مفهوم له عند الأكئر، فحينئذ يندفع الإشكال من أصله.
تنبيهات:
الأول: إن قيل: قد كان لسيدنا سليمان بن داود - عليهما السلام - ولغيره السراري، ومعلومٌ أن العبيد والإماء أثرُ الغنيمة، فما وجه قولِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أُحلت لي الغنائمُ ولم تحلَّ لأحدٍ قبلى"؟.
قلت: أجاب عن هذا الإمام الحافظ ابن الجوزي: أن الأنبياء كانوا إذا جاهدوا قدَّموا الغنيمة من الأمتعة والأطعمة والأموال، فنزلت نارٌ فأكلتها كلَّها من خُمْسِ النَّبيِّ وسهامِ أمَّته.
يدل له ما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "غزا نبيٌّ، فجمعوا ما غَنِموا، فأقبلت النارُ لتأكله، فأبتْ أن تطعمه، فقال النبي: فيكم غلول، فأخرجوا مثلَ رأس بقرةٍ، فوضعوه في المال، وأقبلت النار فأكلته، فلم تحلَّ الغنائمُ لأحدٍ ممَّنْ قبلنا، ذلك بأن الله تعالى رأى ضعفَنا وعجزَنا، فَطَيَّبَها لنا" (?).