والرجلُ يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قاتل" الحديث (?).
ويحتمل أن يكون المراد: أنَّه لا يكون في سبيل الله إلا مَنْ كان سببُ قتاله طلبَ إعلاء كلمة الله فقط؛ بمعنى أنَّه لو أضاف إلى ذلك سببًا من الأسباب المذكورة، أخلَّ بذلك.
ويحتمل أَلَّا يخل إذا حصل ضمنًا، لا أصلًا ومقصودًا، وبذلك صرح الطبري، فقال: إذا كان أصلُ الباعث هو الأول، لا يضره ما عرض له بعد ذلك، وبذلك قال الجمهور، ويحمل ما مر من حديث أبي أمامة على من قصد الأمرين معًا، أو يقصد أحدَهما صرفًا، أو يقصد أحدهما ويحصل الآخر ضِمْنًا، فالمحذور أن يقصد غير الإعلاء، فقد يحصل الإعلاء ضمنًا، وقد لا يحصل، ففيه مرتبتان.
قال ابن أبي جمرة: ذهب المحققون إلى أنه إن كان الباعثُ الأولُ قصدَ إعلاء كلمة الله، لم يضرَّه ما انضاف إليه.
ويدلُّ على أن دخولَ غيرِ الإعلاء ضمنًا لا يقدح في الإعلاءِ إذا كان الإعلاءُ هو الباعثَ الأصليَّ: ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عبد الله بن حوالة: قال: بعثَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أقدامنا لنغنم، فرجعنا ولم نغنمْ شيئًا، فقال: "اللهمَّ لا تَكِلْهُمْ إِلَيَّ" الحديث (?).