في النفس؛ لكون الدنيا محسوسة في النفس، مستعظَمَة في الطباع، فلذلك وقعت المفاضلة بها، وإلا، فمن المعلوم أن جميعَ ما في الدنيا لا يساوي ذرة مِمَّا في الجنة.

الثاني: المراد: أن هذا القدرَ من الثواب خيرٌ من الثواب الذي يحصُل لمن لو حصلَتْ له الدنيا كلها، لأنفقها في طاعة الله تعالى (?).

ويؤيد الثانيَ ما رواه الإمام عبدُ الله بن المبارك من مرسَل الحسن، قال: بعثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا، فيهم عبدُ الله بنُ رواحة، فتأخر ليشهدَ الصلاة مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده! لو أنفقتَ ما في الأرض جميعًا، ما أدركْتَ فضلَ غَدْوَتِهم" (?).

والحاصل: أن المراد: تسهيلُ أمر الدنيا، وتعظيمُ أمر الجهاد، وأنَّ من حصلَ له من الجنةِ قدرُ سوط يصير كأنه حصل له أعظمُ من جميع ما في الدنيا، فكيف بمن حصلَ له منها أعلى الدرجات؟!.

والنكتة في ذلك: أن سبب التأخير عن الجهاد الميلُ إلى سبب من أسباب الدنيا، فنبَّه المتأخرَ أن هذا القدرَ اليسيرَ من الجنة أفضلُ من جميع ما في الدنيا (?)، (وما عليها)؛ أي: على الدنيا.

وفائدة العدول عن قوله: وما فيها: هو أن معنى الاستعلاء أعمُّ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015