قال: وأيضًا: إسناده إلى الفاعل هو الأصل، وإسناده إلى المفعول فرع، فلا يصار إليه بغير حاجة، وأيضًا: فإن علماء العربية قالوا: يحذف الفاعل إما للعلم به، أو الجهل به، وإذا تخوف منه، أو عليه، أو لشرفه، أو لحقارته، أو لإقامة وزن، وليس هنا شيء من ذلك (?)؛ (فإنها)؛ أي: آنية الذهب والفضة، وفي لفظ: "هنَّ" (?)؛ أي: أواني الذهب والفضة، وفي أبي داود: "وهي" -بكسر الهاء ثم تحتانية (?) -، ووقع عند الإسماعيلي، وأصلُه في مسلم: "هو"؛ أي: جميع ما ذكر (لهم)؛ أي: المستعملين لها (في) الحياة (الدنيا).
قال الإسماعيلي: ليس المراد بقوله: "في الدنيا" إباحةَ استعمالهم إياه، وإنما المعنى بقوله: "لهم"؛ أي: هم الذين يستعملونه مكافأة لكم على تركه في الدنيا، ويُمنعه أولئك جزاءً لهم على معصيتهم باستعماله.
قال في "الفتح": ويحتمل أن تكون فيه إشارة إلى أن الذين يتعاطون ذلك في الدنيا، لا يتعاطونه في الآخرة، كما تقدم في شرب الخمر، ولبس الحرير، وكذا في آنية الذهب والفضة؛ كما تقدم في حديث أبي هريرة المتقدم آنفًا (?)، (و) إنها (لكم) معشرَ المسلمين التاركينَ لاستعمالِ ذلك امتثالًا، والكافِّين عنه اتخاذًا واستعمالًا (في الآخرة) في دار المقام والنعيم والإنعام، والتكريم والإكرام {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر: 33]، {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ} [الإنسان: 15].