وهو مثل قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
والإسراف: مجاوزة الحدِّ في كل فعل أو قول، وهو في الإنفاق أشهرُ، والمخيلة بوزن عظيمة بمعنى: الخيلاء، وهو التكبر.
وقال ابن التين: هي بوزن مَفْعَلَة؛ من اختال: إذا تكبر، قال: والخُيلاء -بضم أوله- وقد -يكسر ممدودًا-: التكبر، وإنما ينشأ عن فضيلة يتراءاها الإنسان من نفسه، والتخيُّل: تصوير خيال الشيء في النفس، ووجهُ الحصر في الإسراف والمَخيلة: أن الممنوع من تناوله أكلًا ولبسًا، وهما إما لمعنى فيه، وهو مجاوزة الحد، وهو الإسراف، وإما للتعبد، كالحرير إن لم تثبت علة النهي عنه، ومجاوزةُ الحدِّ تتناول مخالفةَ ما ورد به الشرعُ، فيدخل الحرام، وقد يستلزم الإسراف الكبير، وهو المخيلة.
قال الموفق عبدُ اللطيف البغدادي: هذا الحديث جامعٌ لفضائل تدبير الإنسان نفسَه، وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة؛ فإن السرف كل شيء يضر بالجسد، ويضر بالمعيشة، فيؤدي إلى الإتلاف، ويضر بالنفس؛ إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمَخيلةُ تضر بالنفس حيث تكسبها العُجْبَ، وتضر بالآخرة حيث يكسب الإثم، وبالدنيا حيث يكسب المقت من النَّاس (?).
وذكر الحافظ المصنف -رحمه الله- في هذا الكتاب ستة أحاديث.