الأكلَ منها قبل القسمة إنما يُباح في دار الحرب، والمأمور به من الإراقة إنما هو إتلافُ المرق عقوبة لهم، وأما اللحم، فلم يتلفوه، بل يُحمل على أنه جُمِعَ ورُدَّ إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه؛ لأنَّه مالُ الغانمين، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال.
فإن قيل: لم يُنقل أنَّ اللحم حمل إلى الغنيمة، فالجواب: أنه لم يُنقل أيضًا أنهم حرقوه ولا أتلفوه، فوجب تأويله على وفَقْ القواعد الشرعية؛ بخلاف لحم الحمر الأهلية يومَ خيبر؛ لأنها صارت نجسة (?).
(ثم قسم) - صلى الله عليه وسلم - الغنيمةَ بين الغانمين، (فعدل عشرةً من الغنم ببعير).
هذا محمول على أنه كان بحسب قيمتها يومئذٍ، ولا يود عليه كونُ السبع من الغنم يعدلُها واحد من الإبل في الأضحية (?)؛ لأنَّ النظر في القسمة إلى القيمة، ولا نظر لها في الأضحية، (فندّ) -بفتح النون وتشديد الدال المهملة-؛ أي: نفرَ وذهبَ على وجهه شاردًا، يقال: نَدَّ يَندُّ نَدًّا [ونَديدًا] ونُدودًا (?) (منها)؛ أي: من إبل الغنيمة (بعير، فطلبوه) ليردُّوه إلى الغنيمة، (فأعياهم)؛ أي: أعجزهم. يقال: أعيا: إذا عجز، وعيي بأمره: إذا لم يهتدِ لوجهه، ومنه حديث عليّ - رضي الله عنه - فِعْلُهم الداءُ العياء، وهو الذي أعيا الأطباء، ولم ينجع فيه الدواء.
وحديث الزُّهريّ أن بريدًا من بعض الملوك جاءه يسأله عن رجلٍ معَهُ