وذكر بعض مشايخ الحنفية: أنه لا بأس بالأكل متكئًا، قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل يوم خيبر متكئًا، كذا قالوا (?)، والحديث الذي استدلوا به رواه الطبراني من طريق بقية، وهو ثقة، إلا أنه مدلس، وفي إسناده أيضًا عمر الشامي مجهول، ولفظه: عن واثلة بن الأسقع -رضي الله عنهما-، قال: لما افتتح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، جعلت له مائدة، فأكل متكئًا، وأصابته الشمس، فلبس الظلة (?).
قلت: وعلى فرض ثبوت هذا الحديث وصحته، فإنه منسوخ، يدل على ذلك ما روي عن واثلة نفسه - رضي الله عنه -، قال: أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متكئًا وقتًا يسيرًا، ثم تركه.
ذكره أصحاب السير، منهم الشيخ محمد الشامي في "سيرته".
هذا مع ما روى أبو داود عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: ما رئي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل متكئًا (?)، نعم، روى مسلم، وأبو داود عن أنس - رضي الله عنه -، قال: أُتي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بتمر، فرأيته يأكل متكئًا (?)، وكأن هذا كان أولًا، ثم نُسخ، يدل له -مع ما قدمنا- حديثُ ابن عباس -رضي الله عنهما-: لما خُيِّرَ بين أن يكون عبدًا نبيًا، وبين أن يكون ملكًا، فأشار إليه جبريل: أن تواضَعْ، فاختار أن يكون عبدًا نبيًا، قال: فما أكل