وحاصل الأمر: أن الله تعالى أنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - الكتاب، وبين فيه للأمة ما يحتاج إليه من حلال وحرام، كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89].
قال مجاهد وغيره: لكل شيء أُمروا به، أو نُهوا عنه (?).
وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "تركتكم على بيضاءَ نقيةٍ ليلُها كنهارها لا يَزيغُ عنها إلا هالِكٌ" (?).
وقال عمُّه العباس - رضي الله عنه - لما شكَّ الناسُ في موته - صلى الله عليه وسلم -: واللهِ ما مات رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تركَ السبيل نهجًا واضحًا، وأحلَّ الحلالَ، وحَرَّمَ الحرام، ونكح وطلَّق، وحاربَ وسالم، وما كان راعي غنم يتبع بها رؤوسَ الجبال يخبط عليها العضاه بخبطه، ويمدرُ حوضها بيده بأنصبَ ولا أدأبَ من رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان فيكم (?).
وفي الجملة: فما ترك اللهُ ورسوله حلالًا إلا مُبَيَّنًا، ولا حرامًا إلا مبينًا، لكن بيان بعضه أظهرُ وأوضحُ من بعض.
فما ظهر بيانُه واشتهر، وعُلم من الدين بالضرورة من ذلك، لم يبق فيه شك، ولا يُعذر أحدٌ بجهله في بلد يظهر فيه الإسلام.
وما كان بيانه دون ذلك، فمنه ما اشتهر بين حملة الشريعة قاطبة،