فالجواب: أن مرادهما الفصلُ بينَهما بالحكم الصرف لا بالصلح، إذ للحاكم أن يفعل ذلك، لكن برضاهما (?).
(فقال الخصم الآخر: وهو أفقهُ)؛ أي: أعلمُ وأفهم (منه)؛ أي: من الأول الذي هو زوجُ المرأة، (نعم) وفي لفظ: صدقَ (?): (اقضِ)؛ أي: افصل (بيننا بكتاب الله)؛ أي: بحكمه (وائذَنْ لي) فعل دعاء؛ لأنه من الأدنى إلى الأعلى، ومن أدبه وفقهه: طلبُه الإذنَ من الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(فقال) له (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل) جوابًا لطلبه أن يأذن له بالتكلم (قال: إن ابني كان عسيفًا)؛ أي: أجيرًا، ويُجمع على عسفاء، ذكره الأزهري (?)، وعَسَفَة على غير قياس، ذكره ابن سيده (?)، وقيل: كل خادم عسيفٌ.
وقال ابن الأثير: عسيف: فَعيل بمعنى مفعول؛ كأسير، أو بمعنى فاعل؛ كعليم؛ من العَسْف: الجور، أو الكفاية، يقال: هو يعسفهم؛ أي: يكفيهم، وكم أعسف عليك؛ أي: أعمل لك، ومنه الحديث: "لا تقتلوا عسيفًا ولا أسيفًا" (?).
(على هذا)، إنما عداه بعلى دون اللام؛ ليعلم أنه أجير، وأجرته ثابتة عليه، وإنما يكون كذلك إذا لابسَ العملَ وأتمّه، ولو قال: لهذا، لم يلزم ذلك (?).