ولا يتحتم استيفاء جناية توجب القصاص فيما دون النفس إلا إذا كان قد قتل، وحكمها حكم الجناية في غير المحاربة، فإن جرح إنسانًا وقتل آخر، اقتُصَّ منه للجراح، ثم قُتل للمحاربة حتمًا فيهما (?).
وفي "التنقيح" (?)، و"المنتهى" (?): التحتُّم القصاص في النفس فقط، وولي الجراح بالخيار، ورِدءٌ وطليع في ذلك كمباشر، فإذا قتل واحدًا منهم، ثبت حكم القتل في حق جميعهم، فيجب قتل الكل، وإن قتل بعضُهم، وأخذ المال بعضُهم، قتلوا كلهم، وصلب المكافىء.
وإن قطع أهل الذمة على المسلمين الطريق وحدَهم، أو مع المسلمين، انتقض عهدُهم، وحلّت دماؤهم وأموالهم، ومن قتل من المحاربين، ولم يأخذ المال، قُتل حتمًا، ولا أثر لعفو ولي، ولم يصلب.
ومن أخذ المال ولم يقتل، قُطعت يده اليمنى، وحُسمت، ثم رجلُه اليسرى، وحُسمت في مقام واحد حتمًا مرتبًا وجوبًا.
وإن أخافوا السبيل من غير قتل ولا أخذ مال، نُفوا وشُرِّدوا، فلا يُتركون أن يأووا إلى بلد -ولو عبدًا- حتى تظهر توبتهم، ويجب أن ينفوا متفرقين، ومن تاب منهم قبل القدرة عليه لا بعدها، سقط عنه حقُّ الله من الصلب والقطع، وانحتام القتل، حتى حدّ زِنًا وسرقةٍ وشرب، وكذا خارجي وباغٍ ومرتدّ، وآخذ بحقوق الآدميين من الأنفس والأموال والجراح، إلا أن يُعفى لهم عنها، وقد تضمنت الآية الشريفة أحوال المحاربين وهي: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ