مّؤمِنةٍ} [النساء: 92]، ولأنه آدمي مؤمن مقتول خطأ، فوجبت الكفارة على قاتله، كما لو قتله غيره.
قال الإمام الموفق: وقول أبي حنيفة أقربُ إلى الصواب؛ فإن عامر بن الأكوع قتل نفسه خطأ، فلم يأمر النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيه بكفارة، فأما قوله -تعالى-: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92]، فإنما أريد بها إذا قتل غيره؛ بدليل قوله -تعالى-: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]، وقاتل نفسه لا تجب فيه دية؛ بدليل قتل عامر بن الأكوع.
وأما إن قتل نفسه عمدًا، فلا كفارة؛ لأن معتمد المذهب أنه لا كفارة بقتل العمد العدوان، وبه قال الثوري، ومالك، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي.
وعن الإمام أحمد رواية أخرى: تجب في العمد الكفارة، وحكي عن الزهري، وهو قول الشافعي، واحتج له بحديث واثلة بن الأسقع، قال: أتينا النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بصاحب لنا قد أوجب بالقتل، فقال: "اعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوًا منه من النار" (?).
قالوا: ولأنها إذا وجبت في قتل الخطأ، ففي العمد أولى؛ لأنه أعظم جرمًا، وحاجته إلى تكفير ذنبه أعظم.
ولنا: مفهوم قوله -تعالى-: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]، ثم ذكر قتل العمد، فلم يوجب فيه كفارة، وجعل جزاءه جهنم، فمفهومه أنه لا كفارة.