وقال القاضي: معناه: أن يصالح الأولياء عن دم العمد إلى الدية.
والأول أولى؛ لأن العمد يستغنى عنه بذكر العمد.
وممن قال: لا تحمل العاقلة الصلح: ابن عباس، والزهري، والشعبي، والثوري، والليث، والشافعي، وقد ذكرنا حديث ابن عباس في ذلك (?).
وأما ما دون ثلث الدية، فقال بأن العاقلة لا تحمله: سعيد بن المسيب، وعطاء، ومالك، وإسحاق.
وقال الزهري: لا تحمل الثلث -أيضًا-.
وقال الثوري، وأبو حنيفة: تحمل السن، والموضحة، وما فوقها، واحتج بالغرة في الجنين على العاقلة، وقيمتها نصف عشر الدية، ولا تحمل ما دون ذلك.
والصحيح عند الشافعية: أنها تحمل الكثير والقليل، كالجاني في العمد.
ولنا: ما روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أنه قضى في الدية ألَّا يحمل منها شيء، حتى تبلغ المأمومة، ولأن مقتضى الأصل وجوبُ الضمان على الجاني؛ لأنه موجب جنايته، وبدلُ متلَفه، فكان عليه كسائر المتلفات والجنايات، وإنما خولف في الثلث تخفيفًا من الجاني، لكونه كثيرًا، فيجحف به، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "الثلث كثير" (?).
فأما دية الجنين، فلا تحملها العاقلة إلا إذا مات مع أمه من الضربة؛