ولا مخالف لهما من الصحابة - رضي الله عنهم -، وقضى به شريح.

وروى عبد الرزاق عن رجلٍ صالح من أهل المدينة، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، قال: كانت امرأة من الأنصار تحت رجلٍ من الأنصار، فقُتل عنها يوم أُحد، وله منها ولد، فخطبها عمُّ ولدها ورجل آخرُ إلى أبيها، فأنكح الآخرَ، فجاءت إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: أنكحني أبي رجلًا لا أريده، وتركَ عمَّ ولدي، فأخذ مني ولدي، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أباها فقال: "أنتَ الذي لا نكاح لك، اذهبي فانكحي عَمَّ ولدِك" (?)، فلم ينكر أخذ الولد منها لمّا تزوجت، بل أنكحها عمّ الولد لتبقى لها الحضانة، ففيه دليلٌ على سقوط الحضانة بالنكاح، وبقائها إذا تزوجت بنسيبٍ من الطفل.

وهذا الحديث، وإن اعترض عليه ابن حزم بأنه مرسل، وفيه مجهول (?)، فإن أبا سلَمةَ من كبار التابعين، وقد حكى القصة عن الأنصارية، ولا ينكر لقاؤه لها، فلا يتحقق الإرسال، وإذا تحقق، فمرسل جيد له شواهدُ مرفوعة وموقوفة، فالاعتماد ليس عليه وحده، وعَنى بالمجهول الرجلَ الصالح الذي شهد له أبو الزبير بالصلاح، ولا ريب أنّ هذه الشهادة لا تعرف به، ولكن المجهول إذا عدّله الراوي عنه الثقةُ، ثبتت عدالتُه، وإن كان واحدًا على أحد القولين، وصححه في "الهدي"، قال: لأن التعديل من باب الإخبار والحكم، لا من باب الشهادة، ولا سيما التعديل في الرواية، فإنه يكتفى فيه بالواحد، مع أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له في أحد القولين، وإن لم يصرّح بالتعديل، وهو إحدى الروايتين عن الإِمام أحمد، فإذا روى عنه، وصرّح بتعديله، خرج عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015