وقال أبو عبيد: معناه: أن الذي جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع، لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع (?)، ولهذا علل ذلك بقوله: (فإنما الرضاعة) الفاء للتعليل لقوله: "انظرنَ"؛ أي: أَمْعِنَّ النظرَ والتفكُّرَ؛ لأن الرضاعة (من المجاعة)؛ أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمةُ، وتحصل لأجلها الخلوة، وتجعل الرضيع محرمًا: هي حيث يكون الرضيع طفلًا يسدّ اللبنُ جوعته؛ لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت بذلك لحمه، فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فكأنه قال: لا رضاعة معتبرة إلا المغنية عن المجاعة، أو المطعمة من المجاعة، كقوله -تعالى-: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} (?) [قريش: 4].
ومن شواهده: حديثُ ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لا رضاعة إلا ما شدّ العظم، وأنبت اللحم" أخرجه الترمذي في "صحيحه" (?)، وحديث أم سَلَمة - رضي الله عنها -، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُحَرِّمُ من الرضاع إلّا ما فتقَ الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام" رواه الترمذي في "صحيحه" (?)، وحديث ابن عباس مرفوعًا: "لا رضاع إلّا ما كان في