أنتَ كافر، فإن كان ليس كما قال، فهو المستحق للوصف المذكور، وإن كان كما قال، لم يرجع عليه شيء، لكونه صدق فيما قال، لكن لا يلزم من كونه لا يصير بذلك فاسقًا ولا كافرًا أَلَّا يكون إثما في صورة قوله له: أنتَ فاسق، بل ينبغي أن يفصل بين أن يقصد نصحَه، أو نصحَ غيره ببيان حاله، أو يقصد تعييره وشهرته بذلك ومحضَ أذاه، وحينيذٍ يكون آثمًا؛ لأن ذلك غير جائز؛ لأنه مأمورٌ بالستر عليه، وتعليمه وموعظته بالحسنى على قدر الإمكان، فمهما أمكنه فعلُ المعروف والنهي عن المنكر بالرفق، لا يفعله بالعنف؛ لأنه قد يكون سببًا لإغرائه وإصراره على ذلك الفعل كما هو في طبع كثيرٍ من الناس من الأنفة، لاسيما إن كان الآمر دون المأمور في المنزلة (?).
تنبيهان:
الأول: قال في "الفتح": قال النووي: اختلف في تأويل هذا الرجوع، فقيل: رجع عليه الكفر إن كان مستحلًّا (?).
قال في "الفتح": وهذا بعيدٌ من سياق الخبر، وقيل: محمولٌ على الخوارج؛ لأنهم يكفِّرون المؤمنين، هكذا نقله عياض عن الإمام مالك (?)، وهو ضعيف؛ لأن الصحيح عند الأكثرين: أنّ الخوارج لا يكفرون ببدعتهم.
قال في "الفتح": ولِما قاله مالك وجه، وهو أن منهم من يكفّر كثيرًا من الصحابة ممن شهد له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنّة وبالإيمان، فيكون كفرُهم من