أولادكم سرًا، فَوَالذي نفسي بيده! إنه ليدرك الفارس فَيُدَعْثِرُهُ"، قلت: ما يعني؟ قال: الغيلة: يأتي الرجلُ امرأته وهي تُرضع (?).
قال الإمام ابن القيّم في "الهدي": أما الحديث الأول، فهو حديث جذامةَ بنتِ وُهْب، وقد تضمن أمرين: لكلٍّ منهما معارض، فصدرُه هو الذي تقدم: "لقد هممتُ أن أنهى عن الغيل"، وعارضَه حديث أسماء، وعجزه: ثم سألوه عن العزل، فقال: "ذلك الوأد الخفي" -كما تقدم-، وعارضه حديثُ أبي سعيد: "كذبت يهود"، وقد يقال: إنّ قوله: "لا تقتلوا أولادكم سرًا" نهي أن ينسب إلى ذلك فإنه شبه الغيل بقتل الولد، وليس بقتل حقيقة، وإلّا لكان من الكبائر، ولا ريب أن وطء المراضع مما تعم به البلوى، ويتعذّر على غالب الرجال الصبر عن امرأته مدّة الرضاعة، فلو كان وطؤهنَّ حرامًا، لكان معلومًا من الدين، وكان بيانه من أهم الأمور، ولم تهمله الأمة وخير القرون ولا يصرح أحد منهم بتحريمه، فعلم أنّ حديث أسماء على وجه الإرشاد والاحتياط للولد، وأَلَّا يعرضه لفساد اللبن بالحمل الطارىء عليه، ولهذا كانت عادة العرب أن يسترضعوا لأولادهم غير أمهاتهم، والمنعُ منه غايته أن يكون من باب سدِّ الذرائع التي تفضي إلى الإضرار بالولد، وقاعدة سد الذرائع أنه إذا عارضه مصلحةٌ راجحة، قدّمت عليه (?)، والله الموفق.