رؤوس الأشهاد، وأقامها مقام الخزي، وخفق عليها الخزي والغضب، وقطع نسب ولدها، وإن كان كاذبًا، فقد أضاف إلى ذلك بهتها بهذه التهمة العظيمة، وأحرق قلبها بها، والمرأة إن كانت صادقة، فقد أكذبته على رؤوس الأشهاد، وأوجبت عليه لعنة الله، وإن كانت كاذبة، فقد أفسدت فراشه، وخانته في نفسها، وألزمته لعنة الله والفضيحة، وأخرجته إلى هذا المقام المخزي، فحصل لكل واحد منهما من صاحبه من النفرة والوحشة وسوء الظن به ما لا يكاد يلتئم معه شمل أبدًا، فاقتضت حكمةُ مَنْ شرعُه كلُّه حكمةٌ ومصلحة وعدل ورحمة انحتامَ الفرقة بينهما، وقطعَ الصحبة المتمحضة مفسدة (?)، انتهى.

في "الفتح": قال ابن السمعاني: لم أقف على دليل لتأبيد الفرقة من حيث النظر، وإنما المتّبع في ذلك النص.

وقال ابن عبد البر: أبدى بعض أصحابنا له فائدة، وهو ألا يجتمع ملعون مع غير ملعون؛ لأن أحدهما ملعون في الجملة، بخلاف ما إذا تزوجت المرأة غيرَ الملاعن، فإنه لا يتحقق، قال: وتُعقب بأنه لو كان كذلك، لامتنع عليهما معًا التزويج؛ لأنه يتحقق أن أحدهما ملعون، ويمكن أن يجاب بأن في هذه الصورة افترقا في الجملة (?)، انتهى.

وتقدم كلام صاحب "الهدي" في ذلك آنفًا.

(ثم قال) النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الله يعلم أن أحدَكُما)؛ أي المتلاعنان (كاذبٌ) فيه تغليب المذكر على المؤنث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015