وقد صنّف العلماء في قصة بريرة تصانيف، وبعضهم أوصل فوائد قصتها إلى أربع مئة فائدة، ولا يخالف ذلك قول عائشة: ثلاث سنن؛ لأن مراد عائشة، ما وقع من الأحكام فيها مقصودًا خاصة، لكن لمّا كان كلّ حكم منها يشتمل على تقعيد قاعدة يستنبط العالم الفطن منها فوائد جمّة، وقع التكثّر من هذه الحيثية، وانضم إلى ذلك ما وقع في سياق القصة غير مقصود، فإنّ في ذلك أيضًا فوائد تؤخذ بطريق التنصيص والاستنباط، واقتصرت على الثلاث أو الأربع، لكونها أظهرَ ما فيها، وما عداها إنما يؤخذ بطريق الاستنباط، أو لأنها أهم، والحاجةُ إليها أمسّ (?).
قال القاضي عياض: معنى ثلاث أو أربع: أنها شرعت في قصتها، وما يظهر فيها مما سوى ذلك كان قد علم من غير قصتها (?).
قال في "الفتح": وهذا أولى من قول من قال: ليس في كلام عائشة حصر، أو مفهوم العدد ليس بحجّة، وما أشبه ذلك من الاعتذارات التي لا تدفع سؤال: ما الحكمة في الاقتصار على ذلك (?)؟ (خُيّرت) -بضم الخاء المعجمة وتشديد المثناة تحت المكسورة مبنيًا للمجهول-؛ أي: عُتقت، فخُيّرت بين أن تقر تحت زوجها، أو تفارقه (?).
وفي رواية في "الصحيحين": فدعاها -أي: بريرة حين عتقت- النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فخيّرها من زوجها، فاختارت نفسها (?).