حذاءها وسقاءها يريد: شدّةَ صبرها عن الماء، لكثرة ما توعي في بطونها منه، وقوتها على وروده، والحمرُ مساوية للشاةِ في علتها، فإنها لا تمتنع من الذئب، وتفارق الإبل في علّتها، فإنها لا صبر لها عن الماء، ولهذا يضرب المثل لقلّة صبرها عنه، فيقال: ما بقي من مدّته إلا ظِمْءُ حمار. وإلحاقُ الشيء بما ساواه في علّة الحكم، ولو فارقه في الصورة، أولى من إلحاقه بما يقاربه في الصورة، وفارقه في العلّة (?).
وهذا اختيار الإمام الموفق كما نبَّه عليه في "الإقناع" (?)، و"الفروع" (?).
وقد بيّن - صلى الله عليه وسلم - علّة عدم جواز التقاط الإبل بقوله: (ترد) الإبلُ الضالّةُ (الماء) بنفسها، يعني: ترد مناهل الماء غير مبالية من السباع، لعظم جثتها، ونفور صغار السباع منها، (وتأكل الشجر)؛ أي: تأكل من أوراق الشجر وأغصانه ما يكفيها ويقوم بها، ولا تزال كذلك (حتى)؛ أي: إلى أن (يجدها ربها)؛ أي: مالكُها.
فيه: دليل على جواز أن يقال لمالك السلعة: ربّ السلعة، والأحاديث بذلك متضافرة، والأخبار به متظاهرة، إلّا أنّه قد نهى عن ذلك في العبد والأمة في الحديث الصحيح، فقال: "لا يقلْ أحدُكم: ربّي" (?).
وقد اختلف العلماء في ذلك، فكرهه بعضهم مطلقًا، وأجازه بعضهم