تنبيه: وقد اتفقت الروايات كلها على أنه - صلى الله عليه وسلم - ردَّ حمارَ الوحش على الصعب بنِ جثامة، ولم يقبله منه، إلا ما رواه ابنُ وهبٍ، والبيهقيُّ من طريقه بإسناد حسنٍ من طريق عمرو بن أمية: أن الصعب أهدى للنّبي - صلى الله عليه وسلم -
عجزَ حمارِ وحش، وهو بالجحفة، فأكل منه، وأكل القوم.
قال البيهقي: إن كان هذا محفوظًا، فلعله ردَّ الحيَّ، وقبلَ اللحم (?).
قال الحافظ ابن حجر: وفي هذا الجمع نظر، قال: [إن] كانت الطرق كلها محفوظة، فلعله رده حيًا، لكونه صِيدَ لأجله، وردَّ اللحمَ تارةً بذلك، وقبله تارةً أخرى حيث علم أنه لم يُصد لأجله، ويحتمل أن يحمل القبول المذكور في حديث عمرو بن أمية على وقتْ آخرَ، وهو حالَ رجوعه - صلى الله عليه وسلم - من مكة، ويؤيده أنه جازم فيه بوقوع ذلك في الجحفة (?).
وقال القرطبي في الجمع بين كونه أهدى حمارًا، أو بين كونه أهدى عجز حمار، أو رجل حمار -على ما مر-: يمكن أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحًا، ثم قطع منه عضوًا بحضرة النّبي - صلى الله عليه وسلم -، فقدمه له، فرده، فمن قال: أهدى حمارًا، أراد: بتمامه مذبوحًا لا حيًا، ومن قال: لحم حمار، أراد: ما قدمه للنّبي - صلى الله عليه وسلم - (?).
تتمة: الحمارُ الوحشي يسمَّى: الفَرَأ، ويقال: حمار وحش، وحمار وحشي، وهو العَيْر، وربما أطلق العير عليه وعلى الأهلي أيضًا، وحمارُ الوحش شديدُ الغيرة، ولذلك يحمي عانته الدهرَ كلَّه، ومن عجيب أمره: