ومنها: وهو ضعيف كما قال ابن دقيق العيد: أنه لم يكن مريدًا للنسك (?).
قلت: وهذا قال به الشافعية، فإنهم قالوا: لم يحرم أبو قتادة للقول: إنه لم يقصد نسكًا، إذ يجوزُ دخولُ الحرم بغير إحرام لمن لم يرَ حَجًّا ولا عمرة كما هو مذهب الشافعية.
وأما على مذاهب الأئمة الثلاثة القائلين بوجوب الإحرام، فاحتجوا له بأن أبا قتادة إنما لم يحرم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان أرسله إلى جهة أخرى ليكشفَ أمرَ عدو في طائفة من الصحابة، ولا يخفى -كما في الحديث- أن خبر العدو أتاهم حين بلوغهم الروحاء على أربعة وثلاثين ميلًا من ذي الحليفة ميقاتِ إحرامهم، ومنها؛ أي: الروحاء وجَّههم النّبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا صريح في أن خبر العدو أتاهم بعد مجاوزة الميقات (?).
قلت: والأولى ما ذكره الأثرم صاحب الإمام أحمد: إنما جاز لأبي قتادة ذلك؛ لأنه لم يخرج يريد مكة، قال: لأني وجدت في رواية من حديث أبي سعيد فيها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأحرمنا، فلما كنا بمكان كذا، إذا نحن بأبي قتادة، وكان النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعثه في وجه، الحديث، انتهى.
وفي حديث أبي سعيد عند ابن حبان في "صحيحه"، ورواه البزار، والطحاوي، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادة على الصدقة، وخرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[و] أصحابه وهم محرمون حتى نزلوا بعسفان، فإذا هم بحمار وحش، قال: وجاء أبو قتادة وهو حِلٌّ، الحديث (?)، فهذا بظاهره