وقال في "الفروع ": أمّا حجّةُ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاختُلف فيها بحسب المذاهب، حتّى اختلف كلام القاضي وغيره -يعني: من علمائنا- هل حلّ من عمرته؟
وفيه وجهان؛ والأظهر: قولُ سيدِنا الإمامِ أحمدَ -رضي اللَّه عنه-: لا أشكُّ أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان قارِنًا، والمتعةُ أحبُّ إليَّ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وعليهِ متقدّمو أصحابه، وهو باتفاق علماء الحديث (?).
وفي "الصّحيحين": عن سعيد بن المسيب، قال: اجتمع عليٌّ، وعثمانُ -رضي اللَّه عنهما- بعُسفانَ، فكان عثمانُ ينهى عن المتعة، فقال عليٌّ -رضي اللَّه عنه-: ما تريدُ إلى أمر فعلَه النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تنهى عنه؟! فقال عثمان: دَعْنا منكَ، فقال: إنّي لا أستطيعُ أن أدعَكَ، فلمّا رأى عليٌّ ذلك، أَهَلَّ بهما جميعًا (?).
فهذا ممّا يبيِّنُ أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان قارِنًا.
ويفيد أيضًا: أنَّ الجمعَ بينَهما تمتُّع؛ فإنّ عثمانَ -رضي اللَّه عنه- كان ينهى عن المتعة، وقصدَ عليٌّ -رضي اللَّه عنه- إظهارَ مخالفتِه؛ تقريرًا لما فعلَه النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقرنَ، وإنّما تكون مخالفة إذا كانت المتعة التي نهى عنها عثمان.
وتضمَّنَ قولُ عليٍّ وعثمان على اتّفاقهما أنَّ القران من مُسمَّى التّمتّع،