كان لا يسلم شيءٌ منها عن مقالٍ، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها، وتكتسب قوةً، والله أعلم (?).
(ثُمَّ) بعد أن تمضمض، واستنشق واستنثر الماء من أنفه، (غَسَلَ) عثمانُ - رضي الله عنه - (وَجْهَهُ).
وقد ذكروا أن حِكْمَةَ تأخير غسل الوجه عن المضمضة والاستنشاق اعتبار أوصاف الماء؛ لأن اللون يُدرك بالبصر، والطعم يُدرك بالفم، والريحُ يدرك بالأنف؛ فقدمت المضمضة والاستنشاق قبل الوجه احتياطاً للعبادة.
والوجه مشتقٌ من المواجهة.
وقد اعتبر الفقهاء هذا الاستنشاق، وبنوا عليه أحكاماً كثيرةً.
وحدُّه من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللَّحْيَين طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، وغسله واجبٌ بالنص والإجماع، أما النص: فقوله - تعالى -: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]، وكل من وصف وضوءه - صلى الله عليه وسلم - ذكر أنه غسل وجهه.
وأجمع المسلمون على وجوب غسله؛ واتفق إمامنا وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن والشافعي، وأكثر العلماء على ما ذكرنا من التحديد.
وقال الإمام مالكٌ: البياض الذي بين العِذار والأذن ليس من الوجه في حق الملتحي، ولا يجب غسله؛ لأن المواجهة لا تقع به (?).