الماء بالنفس إلى باطن الأنف، ولا يجب إدارتُه في جميع الفم، ولا إيصالُه إلى جميع باطن الأنف، وإنما ذلك مبالغةٌ مستحبةٌ في حق غير الصائم.
وإذا أداره في فيهِ، فهو مخيَّرٌ بعد ذلك بين مجِّهِ وبلعِهِ؛ لأن المقصود قد حصل به؛ فإن جعله في فيهِ ينوي الحدث الأصغر، ثم ذكر أنه جنب، فنوى رفع الحدثين، ارتفعا؛ لأنه لا يصير مستعملاً إلا بانفصاله عن العضو.
ولو لبث الماء في فيهِ، فتحلل من ريقه ما غيره، لم يمنع؛ لأنه في محل التطهير أشبه ما لو تغير على عضوه.
وإن شاء، تمضمض واستنشق ثلاثاً من غرفةٍ، وإن شاء من ست؛ لأن الذين وصفوا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا فيه ذلك.
ويستحب أن يتمضمض ويستنشق بيمينه، ويستنثر بشماله؛ لأن في حديث عثمان هذا - رضي الله عنه - عند سعيد بن منصور: ثم غرف بيمينه، ثم رفعها إلى فيه، فمضمض واستنشق بكف واحدٍ، واستنثر بيساره، فعل ذلك ثلاثاً، ثم قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ لنا كما توضأتُ لكم، فمن كان سائلاً عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا وضوءُه (?).
الثالث: لم يذكر عثمان - رضي الله عنه -، ولا عبد الله بن زيد - رضي الله عنهما - في الحديث الآتي الإتيان بالتسمية في أول الوضوء، مع إيجابنا لذلك - على المعتمد -، ولم نوجب الاستنثار -على المعتمد-، مع وجوده في الحديث الصحيح.
والجواب: أما عدم إيجابنا للاستنثار مع أنه صريحٌ في الأخبار؛ فلحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - كما في بعض الروايات: "مَنْ توضَّأَ