فقالوا: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حدَّ لأهل نجدٍ قرنًا، وإنه جَوْر عن طريقنا، وهو -بفتح الجيم وسكون الواو ثم راء-، أي: مائل عنها، فإذا أردنا أن نأتي قرنًا، شقَّ علينا، قال: "فانظروا حَذْوَها مِنْ طريقِكم"، فحد لهم ذاتَ عرق (?)، وهو الجبلُ الصغير، وقيل: العرق من الأرض السبخة تنبت الطرفاء، وبينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلًا (?)، فكان تحديده لهم باجتهاده.
ويؤيده روايةُ الشافعيِّ من طريق أبي الشعثاء، قال: لم يوقِّتْ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهلِ المشرق شيئًا، فاتخذ بحيالِ قرن ذاتُ عرق، انتهى (?).
قال ابن الجوزي: هذا يدل على أن عمر هو الذي حدَّ ذاتَ عرقٍ، وإنما حدَّها لهم؛ لأنها حَذْوُ قرنٍ، أي: مُحاذِيَتُها.
قال: فإن قيل: روى أبو داود، والنسائي من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَّتَ لأهل العراقِ ذاتَ عرقٍ (?).
فالجواب: أنه إسناد ضعيف.
وقد روي عن أبي داود: أنه قال: الصحيحُ أن عمرَ وَقَّتَ لأهل العراق بعدَ أن فُتحت، ويدل على صحة هذا ما روى البخاري، ومسلم من حديث ابن عمر، وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه ذكر المواقيت الأربعة، ولم يذكر ذات عرق، انتهى (?).