(قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن أحبَّ الصيامِ إلى اللَّه) -عز وجل- (صيامُ داود) نبيِّ اللَّه -عليه السلام-؛ أي: أكثر ما يكون محبوبًا، واستعمال "أحب" بمعنى: محبوب، قليل؛ لأن الأكثر في أفعل التفضيل أن يكون بمعنى الفاعل؛ كما في القسطلاني، قال: ونسبة المحبة في ذلك إلى اللَّه تعالى على معنى: إرادة الخير لفاعله (?).

(وأحبَّ الصلاة)؛ أي: أكثر ما يكون محبوبًا (إلى اللَّه) -عز وجل- (صلاةُ داودَ) -عليه السلام-، ثم بين ما أجمل من ذلك، فقال: (كان) داود -عليه السلام- (ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه) في الوقت الذي ينادي فيه الربُّ تعالى: هل من سائلٍ؟ هل [من] مستغفر؟

(وينام سدسَه) ليستريح من نَصبِ القيام في بقية الليل، وإنما كان هذا أحبَّ إلى اللَّه تعالى؛ لأنه أخذ بالرفق على النفوس التي يخشى منها السآمة التي هي سببٌ إلى ترك العبادة، واللَّه تعالى يحب أن يوالي فضله، ويُديم إحسانه. قاله الكرماني.

وإنما كان ذلك أرفقَ؛ لأن النوم بعد القيام يُريح البدن، ويُذهب ضرر السهر، وذبولَ الجسم؛ بخلاف السهر إلى الصباح، وفيه من المصلحة أيضًا استقبالُ صلاةِ الصبح وأذكارِ النهار بنشاط وإقبال، وإنه أقرب إلى عدم الرياء؛ لأن من نام السدس الأخير، أصبح ظاهر اللون، سليم القوى، فهو أقرب إلى أن يخفي عمله الماضي على من يراه، أشار إليه ابن دقيق العيد (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015