ورواية "أولاهن" أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيثُ المعنى أيضاً؛ لأن تتريب الأخيرة يستدعي غسلةً أخرى لتنظيفه، وقد نص الشافعي على أولوية الأُولى.

وفي هذا الحديث دليلٌ: على أن حكمَ النجاسة يتعدى عن محلها إلى ما يجاورها بشرط كونه مائعاً.

وعلى تنجيس المائعات إذا وقع في جرمها نجاسة.

وعلى تنجيس الإناء الذي يتصل بالمائع.

وعلى أن الماء القليلَ ينجُس بوقوع النجاسة فيه، وإن لم يتغير؛ لأن ولوغَ الكلب لا يغير الماءَ الذي في الإناء غالباً، وتؤخذ قلتُه في الحديث من كونه في الإناء؛ لأنه لا يكون إلا قليلاً غالباً، ويناط الحكم بالغالب الأكثر دون النادر.

وعلى أن ورود الماء على النجاسة يخالف ورودها عليه؛ لأنه أمر بإراقة الماء لما وردتْ عليه النجاسة، وهو حقيقة في إراقة جميعه، وأمر بغسله، وحقيقته تتأدى بما يسمى غسلاً، ولو كان ما يُغسلُ به أقل مما أريق.

تنبيهات:

أحدها: ظاهر حديث عبد الله بنِ مُغَفَّلٍ - رضي الله عنه - يقتضي كونَ الغسلات ثمانيةً، وبه قال الحسنُ البصري، وقيل: إنه لم يقل به غيرُه، ولعل المراد بذلك: من المتقدمين، قاله ابن دقيق العيد (?).

قلتُ: هو رواية عن الإمام أحمد كما في "الفروع" (?) وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015